ما يخطه قلمي يندرج في إطار “علم الاجتماع السياسي” الباحث في تأثير الأحداث السياسية على البنية الإجتماعية والعكس. المقال لا يُصدر أحكاماً أخلاقية؛ بل ينشد تفسيرها كظواهر إجتماعية دون تصنيفها إيجاباً أو سلباً.
تتمتع المرأة العربية بالكثير من الخصوصيات الدينية والتراثية، وعادة ما يكون الحديث حولها أمرٌ مُثيرٌ للحساسية، وربما الخُصومة مع بعض التيارات الفكرية. ولكن قد يكون الحديث حول المرأة العربية على محض الوجوب في حُقبة الفتن والمِحن، وخاصة التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية حالياً.
وكان لي تجربةً سابقة أثارت بعض العوام على مواقع التواصل الإجتماعي، حيث كان تعليقي حول خروج المرأة المصرية إلى ميدان “رابعة العدوية”، عندما التحفت الشوارع واِرْتَدَت الخيام لمدة خمسة وأربعين يوماً، وهي بعيدة عن أسرتها وواجباتها تجاه المجتمع المدني.
ولست هنا بصدد الحكم بصحة أو بطلان الإعتصام من الجانب السياسي بقدر ما هو ضرورة تسليط الضوء الإجتماعي على مؤثرات هذا الإعتصام، وخاصة على المرأة والطفل اللذان كانا جزءاً رئيسياً من معركة الإخوان المسلمين ضد النظام المصري الحاكم.
فعلى حد زعم الإخوان المسلمين على منصة رابعة العدوية، كانت المرأة المصرية تصلي جنباً إلى جنب “جبريل” عليه السلام، بل أن “محمداً” صلى الله عليه وسلم رفض إمامة الصلاة بمن يقفون بـ”رابعة” إلا بعد تقديم المخلوع محمد مرسي. وما هو المُثير حقاً هو الإيّمان المُغلظة التي أقسم بها قادة الميدان بأن “النصر الإلهي” قادم لا مُحالة.
إذاً؛ نحن أمام خمسة وأربعين يوماً كانت بمثابة جلسات لتحويل الفرد عن إتجاهاته وأنماطه السلوكية وقناعاته العقدية والإجتماعية. وهنا تم غسل الأدمغة عبر إحلال السياسة محل العقيدة، والعمل الحزبي محل الفكر والثقافة، فكان السمع والطاعة لولي الأمر “المرشد” أقرب إلى القلب والعقل من السمع والطاعة لله سبحانه وتعالى، حسب ما نصت أوهامهم.
فمن كان يعتقد بأن اللذين خرجوا من إعتصام ميدان رابعة العدوية قد عادوا إلى ممارسة حياتهم الطبيعية على ما كانت عليه قبل الإعتصام، فهو حقاً مخطئ، فالمرأة لم تعد ترى زوجها كما كانت تراه قبل الإعتصام، فمن كانوا على منصة رابعة العدوية هم الأفضل والأقرب إلى الله، فقد صلوا مع النبي وجبريل، وكذلك الطفل، فلابد من أن يأتي عليه يوم ليبحث عن مكان آخر من أجل أن يصلي إلى جنب جبريل مرة أخرى.
وليس هذا طعناً في نساء رابعة العدوية بقدر ما هو دعوة لإعادة تقييم تلك الأحداث بجدية وحيادية. وقبل توجيه الإتهامات العشوائية ضد الشيعة أو المسيحيين العرب بأنهم وراء كل خراب نحن نفعله من حيث لا ندري.
وبعد ذلك، لنسأل أنفسنا.. هل نساء مسلسل “غرابيب سود”.. هن نساؤنا؟!. والإجابة عندي هن نساء انسلخن عن الفكر العربي والإسلامي بحثاً عن المعصومين الذين لا يصلون إلا مع الأنبياء والملائكة. ولقولي خلاصة وفيها كل العجب من قوم يستنكرون “جهاد المُناكحة” لإساءته لمنهج الإسلام الصحيح؛ وفي نفس الوقت يصفقون لمن كانت تصلي إلى جنب الرسول صلى الله عليه وسلم والملائكة في رابعة العدوية .